- 25 كانون ثاني/يناير 2022
- 772
مضيق البوسفور ورؤية تركيا 2023
أهم خصائص البوسفور والتحول بين الماضي والحاضر
مضيق البوسفور ورؤية تركيا 2023
ارتبط مضيق البوسفور بإسطنبول المدينة العريقة التي يفصل البوسفور بين طرفيها القاريين الأوروبي والآسيوي.
ولطالما كان وما زال مضيق البوسفور الشريان الحيوي الذي قامت على طرفيه الحضارات والإمبراطوريات التي حكمت العالم، من الإمبراطورية الرومانية إلى الإمبراطورية البيزنطية وصولاً إلى السلطنة العثمانية.
سنتطرق في مقالنا لأهم خصائص مضيق البوسفور وموقعه الاستراتيجي كما سنلقي الضوء على الاتفاقيات التي تنظم الملاحة في المضيق، كما سنذكر الأهمية التي يتمتع بها مضيق البوسفور وارتباطه برؤية تركيا 2023 التي تسعى لتحقيقها الدولة التركية.
-
أهم خصائص مضيق البوسفور:
إنه الممر المائي الذي يربط البحر الأسود ببحر مرمرة بمسافة طولية حوالي 30 كم وبعرض يتراوح بين 0.6 كم عند أضيق مناطق مروره ويصل إلى 3كم عند أوسع مجرى له، ويصل عمق مضيق البوسفور إلى 110 م وأعمق نقاط المضيق تواجه مناطق بيبيك وقنديلي كما يوجد نقاط ضحله تصعب فيها الملاحة البحرية تقع في شمال وجنوب المضيق.
نظراً لأن المضيق ممر مائي طبيعي أي لم يتم شقه من قبل البشر كان هناك العديد من الأساطير والحكايات التي دارت حوله ولا سيما أن جميعها بنيت على مدى صعوبة الملاحة في المضيق نظراً للتيارات المائية تحت عمق 60 م، كما يتصل بالمضيق نهر يطلق عليه اسم نهر قناة الغواصة ويعتبر سادس أطول نهر في العالم.
مضيق البوسفور هو المخرج الوحيد من البحر الأسود إلى البحر الأبيض المتوسط وهو صلة الوصل لروسيا إلى المياه الدافئة، وليس لروسيا فحسب بل كل دول شمال آسيا، وتبلغ صادرات النفط الخام الروسي التي تمر عبر مضيق البوسفور حوالي 38% من إجمالي صادرات روسيا للنفط، بالإضافة لأذربيجان وكازاخستان اللتان تصدران النفط أيضاً عبر مضيق البوسفور ويمكن اعتبار أن 3% من النفط العالمي أي ما يقارب 3 مليون برميل نفط يمر يومياً من خلال مضيق البوسفور وهو ما يقدر بـ 20 مليون طن من المواد البترولية سنوياً.
إن النمو الذي حققته تجارة النفط الروسي المستخرج من سيبيريا والذي يتم إرساله إلى غرب أوروبا والولايات المتحدة كان من العوامل البارزة في اكتساب البوسفور هذه الأهمية، ذلك بالإضافة لحركة السفن التجارية القادمة من دول البحر الأسود مما أدى لاعتبار مضيق البوسفور ثاني أكثر المضائق ازدحاماً بعد مضيق دوفر البريطاني.
وفي عام 2019 وحده، مرت من خلال مضيق البوسفور 53 ألف سفينة مدنية وعسكرية، مقارنة بـ17 ألف سفينة مرت عبر قناة السويس، و12 ألف سفينة مرت في قناة بنما.
بالإضافة لكونه ممر مائي للسفن التجارية إلا أنه من ممرات السفر البحرية ومن أفضل المواقع السياحية كموقع يربط بين قارتي آسيا وأوروبا، نظراً لما يتوزع على ضفافه من آثار تحكي عن القرون الماضية وحضارات الأمم التي سكنت هذه المنطقة والتي تركت آثاراً لا تزال قائمة حتى يومنا الحالي، ومما لا شك فيه أنه من أهم عوامل الجذب السياحي التي تميز مدينة إسطنبول عن غيرها من مدن العالم ويستقطب مضيق البوسفور آلاف السياح سنوياً من مختلف دول العالم.
تتميز المناطق المطلة على البوسفور من شماله إلى جنوبه بأنها مناطق حيوية تزخر بالعديد من الخصائص الهامة ولا تقتصر على السياحة فقط بل تتركز مناطق تجارية هامة وعلى الجانبين من المضيق تشتهر هذه المناطق بميزة طابعها العمراني الفريد.
كما أسهم التطور العمراني في تركيا حديثاً إلى توفر مشاريع عقارية فاخرة كان لها نصيب من ضفاف البوسفور، لا سيما في اسكودار من الطرف الآسيوي وشيشلي وساريير من الطرف الأوروبي، وغيرها من المناطق فإن كنت من الراغبين بالتملك والاستثمار العقاري على ضفاف البوسفور ما عليك سوى التواصل مع مجموعة ديار العقارية.
-
الاتفاقيات التي تنظم الملاحة في مضيق البوسفور:
نظراً لأهمية الموقع الجغرافي الذي يتميز به مضيق البوسفور وللأحداث التي مرت على المنطقة الجغرافية ولا سيما بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وقيام الجمهورية التركية، تم توقيع اتفاقيات تنظم عملية الملاحة البحرية في المضيق وتضمنت مصالح الدول الموقعة في المرور الآمن من مضيق البوسفور باعتباره ممراً مائياً دولياً.
معاهدة سيفر TREATY OF SEVRES:
تم توقيع معاهدة سيفر في العام 1920 وبهذه المعاهدة تم تدويل المعابر البحرية التركية ومنها مضيق البوسفور وجعله منطقة غير مسلحة وتحت اشراف عصبة الأمم وهي التي كانت تتحكم بالسفن وحركتها وحمولتها، كما كانت تسمح للسفن بالمرور بغض النظر عن العلم وفي زمن السلم أو الحرب.
من الجلي أن معاهدة سيفر أتت لتحكم السيطرة على مضيق البوسفور والتحكم بالحركة الملاحية في بحر مرمرة أيضاً نظراً للموقع الجغرافي المميز والاستراتيجي الذي يحتله مضيق البوسفور على خارطة العالم.
ثم تلت معاهدة سيفر معاهدات أخرى أعادت للجمهورية التركية الصلاحيات والتحكم في المضائق ولا بد من الإشارة أن المعاهدات الدولية التي تلت معاهدة سيفر اقتصرت على إعادة صلاحيات التحكم بالمعابر المائية فقط.
معاهدة لوزان Lausanne Treaty:
أعادت معاهدة لوزان التي تم توقيعها في العام 1923 السيطرة على المضائق للنفوذ التركي مع السماح للسفن التجارية والحربية بالمرور عبر مضيق البوسفور إذا لم تكن السفينة تتبع لدولة معادية أو بحالة حرب مع الدولة التركية، ولم يتم تقييد حركة الملاحة في المضيق من حيث حصر عدد السفن التي تمر عبر المضيق.
وأهم ما نصت عليه معاهدة لوزان بخصوص المضائق التركية على "حريّةِ العبورِ والملاحةِ عبرَ المضائقِ أثناءَ السلمِ والحربِ، كما نصتِ المادةُ الرابعةُ على أن شواطئَ البوسفورِ والدردنيلِ وكذلكَ الجزرُ المجاورةُ في بحريْ ايجه ومرمرةَ ستكونُ منزوعةَ السلاح".
أكدت معاهدة لوزان على أهمية مضيق البوسفور بالنسبة للتجارة البحرية بفضل موقعه الفاصل بين قارتي آسيا وأوروبا، وباعتباره بوابة بين الشرق والغرب.
اتفاقية مونترو: Montreux Convention
بعد معاهدة لوزان جاءت معاهدة مونرو التي تم توقيعها في العام 1936 والتي صنفت مضيق البوسفور ممر مائي دولي للملاحة، وكما سابقاتها من معاهدات لم تمنح تركيا حق تنظيم الملاحة التجارية وتم منحها فقط الحق في تقييد حركة مرور السفن التابعة لدول غير تابعة لحوض البحر الأسود.
ومن الجدير ذكره أن معاهدة مونترو تتجدد كل 20 عام بدون تعديل بنود الاتفاقية والتي تتضمن حرية مرور السفن التجارية والحربية عبر البوسفور إذا لم تشكل حركة المرور أي تهديد لتركيا.
كما نصت الاتفاقية في البند 21 يعطي تركيا الحق في إغلاق الممرات البحرية إذا كانت تركيا في حالة حرب أو تشعر بخطر يقترب.
وتشرف تركيا اليوم على تنظيم وسلامة الحركة الملاحية في مضيق البوسفور كما وضعت عدة ضوابط لتسهيل حركة مرور السفن ولمراقبة الحركة الملاحية وتنظيم المرور الآمن للسفن التجارية.
-
أهمية مضيق البوسفور ورؤية تركيا 2023:
نظراً لما شهدته تركيا على مدار سنوات من تنظيم حركة مرور السفن في مضيق البوسفور لا سيما بعض الحوادث التي مرت بها ومنها: حادث اصطدام باخرتين محملتين بالنفط في العام 1994 وغرق طواقمها، وحادثة غرق الباخرة البانامية في العام 2005، فضلاً عن التلوث الذي تسببت به السفن التي عبرت في المضيق، كل هذا أدى لتبلور فكرة حفر قناة جديدة في إسطنبول بموازاة مضيق البوسفور.
إن الزيادة الحاصلة في الملاحة البحرية في مضيق البوسفور والذي بدأ منذ مطلع التسعينات واستمر بالارتفاع مع زيادة الصادرات النفطية الروسية، أدى إلى زيادة مخاطر احتمال وقوع حوادث في مضيق البوسفور نظراً لطبيعة مساحته الجغرافية التي تضيق إلى حدود النصف كيلومتر والتيارات البحرية السريعة التي تعتريه والذي يشكل تحدياً صعباً لناقلات النفط العملاقة التي تمر عبره.
وبالرغم من أن تركيا كانت قد وضعت قوانين تنظم المرور البحري ووضعت قواعد لسلامة المرور في المضائق لا سيما التي وضعت في العام 1994 ثم أعيدت مراجعته في العام 1998 وتم فيها وضع مخطط لفصل حركة المرور الذي تم الموافقة عليه في العام 1995 وقد ساهم في تقليل عدد الحوادث وتصادم السفن في البوسفور.
وفي العام 2003 قامت تركيا بوضع نظام خدمات الملاحة في المضيق الذي ساهم في رفع معدل سلامة مرور السفن، ولكن بالرغم من الإجراءات التي اتخذتها تركيا لا يمكن خفض عدد السفن التي تزداد يومياً بالمرور من المضيق.
لذا كانت رؤية 2023 لتركيا توحي بإمكانية القيام بإنشاء مشروع عملاق استراتيجي يخفف من حدة الضغط في الملاحة البحرية من مضيق البوسفور، والآن أصبح حاجة ملحة لتخصيص مضيق البوسفور للرحلات البحرية السياحية ومرور سفن السفر البحري فقط للحفاظ على ميزاته الطبيعية والحياة البيئية فيه، مما يعني تحويل البوسفور إلى خط تجاري ثانوي نظراً للقدرات الاستيعابية الهائلة التي سوف تتمتع بها قناة إسطنبول المائية، حيث تبلغ قيمة المشروع 25 مليار دولار بواقع 15 مليارا لشق القناة و10 مليارات دولار للإنشاءات المجاورة له.
إن سيطرة تركيا وفرض قيودها وضوابطها الخاصة سيكون مطلقاً حيث أن قناة إسطنبول الجديدة لا تخضع لأي اتفاقية أو معاهدة دولية، وهذا ما سيمنح تركيا التحكم الكامل في حركة مرور السفن من القناة والحرية في إغلاق هذا المنفذ أمام سفن الدول بحسب مصالح تركيا.
كما أن من الآثار الإيجابية لرؤية 2023 بما يخص مضيق إسطنبول الجديد تأثيره على أسعار العقارات والأراضي المجاورة له حيث ارتفع سعر المتر المربع في منطقة شاملار من 6.5 إلى 184 دولار كما وصل في مناطق أخرى إلى 800 دولار.
من الواضح أن هذه الرؤية ستغير من وجه تركيا عموماً وإسطنبول خصوصاً من عدة نواح لا سيما القوة الاقتصادية والمكانة العالمية كممر هام للسلع التجارية والنفطية بين الشرق والغرب مع أفضلية لتركيا وهو التحكم بما سيمر عبر هذا المشروع الضخم.
كما ساهم وجود مضيق البوسفور الطبيعي في ازدهار المناطق المجاورة له عمرانياً وسكنياً، من المتوقع أن تأثير مشروع قناة اسطنبول المائية سيكون له أثراً بالغاً على المنطقة المزمع إنشاؤه فيها ولا سيما من حيث المشاريع العقارية التي تقوم على طرفي القناة الجديدة والتي يتم إنشاؤها باحدث الطرق الهندسية العصرية، فهناك العديد من المشاريع التي تقوم الآن على ضفاف البوسفور الجديد بمواصفات متنوعة.
نظراً لاهتمامكم بما يخص مضيق البوسفور ومشاريع تركيا الحديثة كونوا من أوائل المستثمرين في محيط القناة الحديثة.
استثماركم المربح والآمن مع مجموعة ديار العقارية ويمكنكم التواصل مع مستشارينا العقاريين في أي وقت للاستفسار والحصول على مزيد من المعلومات.
تحرير مجموعة ديار العقارية®
عقارات مشابهة
18 تشرين أول/أكتوبر 2023
مستقبل الاستثمار العقاري في تركيا: فرص لا تُفوت
اكتشف معنا مستقبل الاستثمار العقاري في تركيا والعوامل المؤثرة في هذا السوق الواعد. تعرف على البرامج المثيرة للحصول على الجنسية التركية من خلال الاستثمار العقاري...
اقرأ المزيد17 تشرين أول/أكتوبر 2023
ما هو الطابو وما أنواعه في تركيا
في تركيا، يُعد الطابو وثيقة قانونية هامة لتحديد ملكية الأرض. يحتوي الطابو على معلومات مثل حجم الأرض، والحدود، والمالك الأصلي، وأي حقوق أخرى تتعلق بالملكية. تلعب...
اقرأ المزيد